اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شفاء العليل شرح منار السبيل
199722 مشاهدة
خروج النجاسة من بقية البدن

قوله: [ الثاني: خروج النجاسة من بقية البدن، فإن كان بولا أو غائطا نقض مطلقا] لدخوله في النصوص السابقة.
[وإن كان غيرهما كالدم والقيء نقض إن فحش في نفسي كل أحد بحبسه] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش إنه دم عرق فتوضئي لكل صلاة رواه الترمذي . وروى معدان بن طلحة عن أبي الدرداء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاء فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه.
رواه أحمد والترمذي وقال: هذا أصح شيء في هذا الباب ولا ينقض اليسير لقول ابن عباس في الدم: إذا كان فاحشا فعليه الإعادة قال أحمد عدة من الصحابة تكلموا فيه ابن عمر عصر بثرة فخرج دم وصلى ولم يتوضأ وابن أبي أوفى عصر دملا وذكر غيرهم ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعا. قال في الكافي والقيح والصديد كالدم فيما ذكرنا، قال أحمد هما أخف على حكما من الدم.


الشرح: البول والغائط إذا خرجا من غير موضعهما المعتاد فإنهما ينقضان الوضوء سواء كان خروجهما قليلا أم كثيرا، كما لو خرج البول من فوق العانة، أو من السرة، فإنه ناقض بكل حال، وهكذا الغائط مثله، فهما ناقضان مطلقا، وإن كان خروجهما من غير المحل نادر الوقوع.
وأما الخارج من غير السبيلين وليس بولا أو غائطا فكالقيء، والدم، والصديد، وما أشبه ذلك، فهذا الخارج إما أن يكون قليلا أو كثيرا، فإن كان قليلا كملء الفم من القيء، أو نقطة أو نقطتين من صديد، أو من دم، فإنه لا ينقض، لقصة ابن عمر أنه عصر بثرة، ثم خرج وصلى، ولم يتوضأ، وقد فعل ذلك ابن أبي أوفى
فإن كان الخارج كثيرا فالمختار أنه ناقض، وهو قول كثير من العلماء لحديث أبي الدرداء و ثوبان أنه -صلى الله عليه وسلم- قاء فتوضأ، وهذا الحديث مشهور بلفظ: قاء فأفطر فكأنه -صلى الله عليه وسلم- وجد تأثرا من بطنه وهو صائم فاستقاء، فأفطر؛ لأنه استدعى القيء.
وأما الوضوء في قوله: قاء فتوضأ فقد ذكره بعض الرواة، ولم يذكره بعضهم بل اقتصروا على لفظ: قاء فأفطر لكن قول ثوبان أنا صببت له وضوءه مروي عندهم جميعا، وهو دليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- توضأ بعد أن قاء، وأفطر، ففيه دليل على أن القيء من نواقض الوضوء، ويلحق به سائر النجس الخارج من البدن، ومن جملته الدم، فإنه ناقض إذا فحش؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بغسل دم الحيض، فيقاس عليه ويلحق به سائر الدماء.
ولكن: لا ينقض الدم إذا كان من خدث دائم، فقد صلى عمر - رضي الله عنة- وجرحه يثعب دما فهو معذور لأنه لا يقدر على إمساكه وإيقافه، ولو ترك الصلاة حتى يتوقف الدم لربما مضت عليه عدة صلوات وهو لم يتوقف، فلأجل ذلك صلى وجرحه يثعب دما.
ومثله الصحابي الذي رمي وهو يصلي فاستمر في صلاته، ونبه صاحبه بعد أن سالت دماؤه فهو لم يقطع الصلاة لعدم قدرته على إيقاف الدم، فهو يلحق بمن عذره وحدثه دائمان.
فالحاصل أن الدم إذا كان فاحشا فإنك ينقض الوضوء، بشرط أن لا يكون حدثا مستمرا، ومما يدل على نقضه للوضوء قوله -صلى الله عليه وسلم- في الذي يحدث في الصلاة إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ولينصرف ففيه دليل على أن الرعاف ناقضت للوضوء، والرعاف دم كما هو معلوم.